قال أصحابنا: كل دين وجب إخراج زكاته قبل قبضه، وجب ضمه إلى ما معه من جنسه لإكمال النصاب، ويلزمه إخراج زكاتهما في الحال، وكل دين لا يجب إخراج زكاته قبل قبضه ويجب بعد قبضه.
فإن كان معه من جنسه ما لا يبلغ وحده نصابا، ويبلغ بالدين نصابا، فوجهان مشهوران:(أحدهما) وبه قطع صاحب البيان: لا يلزمه زكاة ما معه في الحال، فإذا قبض الدين لزمه زكاتهما عن الماضي (وأصحهما) عند الرافعي وغيره: يجب إخراج قسط ما معه. قالوا: وهما مبنيان على أن التمكن شرط في الوجوب أو في الضمان، إن قلنا بالأول لا يلزمه لاحتمال أن لا يحصل الدين، وإن قلنا بالثاني لزمه. والله تعالى أعلم.
وكل دين لا زكاة فيه في الحال ولا بعد عوده عن الماضي، بل يستأنف له الحول إذا قبض، فهذا لا يتم به نصاب ما معه، وإذا قبضه لا يزكيهما عن الماضي بلا خلاف، بل يستأنف لهما الحول. والله تعالى أعلم.
أما إذا كان له مائة درهم حاضرة ومائة غائبة فإن كانت الغائبة مقدورا عليها لزمه زكاة الحاضرة في الحال في موضعها والغائبة في موضعها، وإن لم يكن مقدورا عليه فإن قلنا: لا زكاة فيه إذا عاد فلا زكاة في الحاضر؛ لنقصه عن النصاب، وإن قلنا: تجب زكاته فهل يلزمه زكاة الحاضر في الحال؛ فيه الوجهان السابقان في الدين بناء على أن التمكن شرط في الوجوب أم الضمان، فإن لم نوجبها في الحال أوجبناها فيه، وفي الغائب إن عاد وإلا فلا (١) .