النبي صلى الله عليه وسلم من مضاهاتهم في أقوالهم وأفعالهم وأخلاقهم ومراسيمهم؛ خشية أن تنجذب نفسه إليهم وينجرف في تيارهم، وتتلاشى شخصيته فيهم، وذلك هو البلاء المبين.
أ- أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وقد ذكر شيخ الإسلام أحمد بن تيمية قاعدة عامة في التحذير من التشبه بالكافرين واستشهد لها بآيات من القرآن وأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وبين وجه دلالة ما ساق من النصوص على ثبوت تلك القاعدة وشمولها فقال رحمه الله:
فصل: في ذكر الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع
على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن التشبه بهم
لما كان الكلام في المسألة الخاصة قد يكون مندرجا في قاعدة عامة، بدأنا بذكر بعض ما دل من الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة، سواء كان ذلك عاما في جميع أنواع المخالفات أو خاصا ببعضها، وسواء كان أمر إيجاب أو أمر استحباب.
ثم أتبعنا ذلك بما يدل على النهي عن مشابهتهم في أعيادهم خصوصا. وهنا نكتة -قد نبهت عليها في هذا الكتاب- وهي: أن الأمر بموافقة قوم أو بمخالفتهم قد يكون، لأن نفس قصد موافقتهم أو نفس موافقتهم مصلحة، وكذلك نفس قصد مخالفتهم أو نفس مخالفتهم مصلحة، بمعنى: أن ذلك الفعل يتضمن مصلحة للعبد أو مفسدة، وإن كان ذلك الفعل الذي حصلت به الموافقة أو المخالفة لو تجرد عن الموافقة