للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذراعا بذراع، حتى دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى، قال: فمن، زيادة إلى حديث الترمذي الغريب، فدل ضرب المثال في التعيين على أن الاتباع في أعيان أفعالهم.

وفي الصحيح عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل خيبر ونحن حديثو عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر كما قالت بنو إسرائيل: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، لتركبن سنن من كان قبلكم (٢) » ، وصار حديث الفرق بهذا التفسير صادقا على أمثال البدع التي تقدمت لليهود والنصارى، وأن هذه الأمة تبتدع في دين الله مثل تلك البدع، وتزيد عليها بدعة لم تتقدمها واحدة من الطائفتين، ولكن هذه البدعة الزائدة إنما تعرف بعد معرفة البدع الأخر، وقد مر أن ذلك لا يعرف أو لا يسوغ التعريف به، وإن عرف فكذلك لا تتعين البدعة الزائدة، والله أعلم.

وفي الحديث أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بمأخذ الأمم والقرون قبلها، شبرا بشبر، وذراعا بذراع فقال رجل: يا رسول الله، كما فعلت فارس والروم. قال صلى الله عليه وسلم: وهل الناس إلا أولئك (٣) » وهو بمعنى الأول، إلا أنه ليس فيه ضرب مثل، فقوله: «حتى تأخذ أمتي بما أخذ القرون من قبلها (٤) » يدل على أنها تأخذ


(١) سنن الترمذي الفتن (٢١٨٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢١٨) .
(٢) الصواب: حنين. (١)
(٣) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣١٩) ، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٩٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٦٧) .
(٤) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣١٩) ، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٩٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>