للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوضوء بها، حتى كان يخرج يده من أسفلها عند الوضوء ليغسلهما.

وقد كنت كتبت في موضوع اللباس والتشبه فيه بالأجانب عشرات من الصحائف في كتاب [الحكمة الشرعية في محاكمة القادرية والرفاعية] ذكرت فيه حكم الملابس في الدين وفي المنفعة وفي الذوق وفي عرف الصوفية وفي السياسة، وذكرنا حكم التقليد فيها وقد جاء في أول الفصل المعقود للبحث في (كيفية اللبوس والتقليد فيه) ما نصه: قد علم مما تقدم: أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وبعض أصحابه عليهم الرضوان- قد لبسوا القباء والفروج والطيالسة الكسروية، واستعملوا المياثر، وكل ذلك من لبوس الفرس، وأنهم لبسوا أيضا البرانس والجبب الرومية وهي من لبوس النصارى، والجبة الرومية لم يتقدم لها ذكر.

وقد ثبت في [الصحيحين] أن «النبي صلى الله عليه وسلم لبسها فكان يخرج يديه من أسفلها عند إرادة غسلهما في الوضوء؛ (١) » لضيق أكمامهما الذي لا يمكن معه التشمير، ولبسوا أيضا البرود والحبر المخططة والمعلمة، وهي من لبوس اليمن، وتلك الثياب كانت كغيرها تجلب إليهم من العراق والشام ومصر واليمن، لا أنهم كانوا يحتذون مثال هذه الشعوب في صنع لبوسها إذ لم يكونوا أصحاب صنائع، وفي ذلك دليل على أن الشرع ينيط أمر اللباس من حيث كيفية الأثواب وتفاصيلها باختيار اللابس، ولا يحظر على شعب وقبيل استعمال جديلة شعب آخر؛ لأنها أمور عادية لا تتعلق بحقوق الله تعالى ولا بحقوق الخلق لذاتها، نعم، كان أكثر ما يلبس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الرداء والإزار تبعا لعادة قومه لا لوحي نزل بأولوية ذلك وأفضليته شرعا على أنه مناسب لحالة القطر الحجازي الحار، وإذ لم يرد في الشرع


(١) صحيح البخاري اللباس (٥٧٩٨) ، سنن النسائي كتاب الطهارة (٨٢) ، سنن أبو داود الطهارة (١٤٩) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٣٨٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٢٥٠) ، موطأ مالك الطهارة (٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>