وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ، وإذا كان وطول المدة مع حضور الطالب وسكوته مانعا له من الطلب فالطلب ممنوع في سائر المطالب دون وثائق وأحكام وأرباع، بدليل أن السكوت في ذلك يعد كالإقرار المنطوق به من الطالب للمطلوب بأنه لا حق له عليه ولا تباعة ولا طلب.
قلت: هذا الجواب يقتضي، أن ما بعد الثلاثين مجمع عليه، وإذا أجراه على مسائل الحيازة ففيها قريب القرابة والبعيد والمتوسط والمقاطع لقريب والمواصل له فيجرى عليها، وفي بعضها ما يبلغ الخمسين وأكثر مع أني أحفظ لابن رشد في [شرحه] أنه إذا تقرر الدين وثبت لا يبطل وإن طال؛ لعموم الحديث المتقدم، واختاره التونسي إذا كان ذلك بوثيقة مكتوبة وهي في يد الطالب والطلب بسببها؛ لأن بقاءها بيد ربها دليل على أنه لم يقبض دينه إذ العادة إذا قبض دينه أخذ عقده أو مزقه بخلاف إذا كانت الديون بغير عقود، ولو وجدت بغير المطلوب، وإلا ففيها قولان حكاهما ابن رشد وخرجهما على القولين في الرهن إذا وجد بيد الراهن، هل هو إبراء له أم لا لجواز وقوعه وسقوطه أو التسور عليه ونحو ذلك، وقياسه على باب الحيازة فيه نظر؛ لما أصل ابن رشد أن ترجيح الحيازة إنما هو فيما جهل أصله، وأما إذا ثبت أصله بكراء أو إعارة أو إعمار أو غير ذلك، فلا يزال الحكم كذلك وإن طال الزمن، والدين إن ثبت أصله أيضا، وإن كان في هذه الأصل خلاف في كتاب الولاء من [المدونة] ، لكن مذهب ابن القاسم ما ذكره خلافا لقول الغير، وعليه جرى عمل القضاة في هذا الزمان بتونس، ما لم تقترن قرائن تدل على دفع الدين مع طول الزمان فيعمل عليها في البراءة. والله أعلم. انتهى.
ويشير والله أعلم بقوله: وقياسه على باب الحيازة فيه نظر لما أصل