ابن رشد أن ترجيح الحيازة إنما هو فيما جهل أصله إلى ما قاله في شرح المسألة الرابعة من سماع يحيى من كتاب الاستحقاق، ولتذكر المسألة وكلامه عليها ونصها: مسألة: قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن رجل أصدق امرأة عن ابنه منزلا فلما دخل ابنه بالمرأة أخذت المنزل إلا حقولا يسيرة تركتها في يد حميها، فلم تزل في يده حتى مات بعد طول زمان ثم أرادت المرأة أخذها فمنعها ورثة الحمو، وقالوا: قد عاينتها زمان من دهرك وهي في يده ولا تشهدي عليه بعارية ولا كراء، ولا ندري لعلك أرضاك من حقك، أترى للمرأة في ذلك حقا؟ قال: نعم، لها أن تأخذ تلك الحقول التي هي مما كان أصدقها الحمو عن ابنه، ولا يضرها طول ما تركت ذلك في يد الحمو؛ لأنها ليست بالصدقة فتلزم حيازته، وإنما الصداق ثمن من الأثمان، وكذلك لو تركت كل ما أصدقها في يد الحمو لم يضرها ذلك، قال ابن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة لا إشكال فيها ولا اختلاف؛ لأن حقها تركته في يد حموها فلا يضرها ذلك، طال الزمان أو قصر؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ولا يبطل حق امرئ مسلم، وإن قدم» وليس هذا من وجه الحيازة التي ينتفع بها الحائز، ويفرق بين القرابة والأجنبيين والأصهار فيها إذ قد عرف وجه كون الأحقاب بيد الحمو، فهي على ذلك محمولة حتى يعرف مصيرها إليه بوجه صحيح؛ لأن الحائز لا ينتفع بحيازته إلا إذا جهل أصل مدخله فيها، وهذا أصل الحكم بالحيازة. وبالله التوفيق.