والياء والواو في رسمه لو تلاه تال لا معرفة له بحقيقة الرسم على حال صورته في الخط لصير الإيجاب نفيا ولزاد في اللفظ ما ليس فيه ولا من أصله فأتى من اللحن بما لا خفاء به على من سمعه مع كون رسم ذلك كذلك جائزا مستعملا، فأعلم عثمان رضي الله عنه إذ وقف على ذلك: أن من فاته تمييز ذلك وعزبت معرفته عنه ممن يأتي بعده سيأخذ ذلك عن العرب إذ هم الذين نزل القرآن بلغتهم فيعرفونه بحقيقة تلاوته ويدلونه على صواب رسمه، فهذا وجهه عندي. والله أعلم.
فإن قيل: فما معنى قول عثمان رضي الله عنه في آخر هذا الخبر لو كان - الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف؟ قلت: معناه، أي: لم توجد فيه مرسومة بتلك الصور المبنية على المعاني دون الألفاظ المخالفة لذلك، إذ كانت قريش ومن ولي نسخ المصاحف من غيرها قد استعملوا ذلك في كثير من الكتابة، ولسلكوا فيها تلك الطريقة ولم تكن ثقيف وهذيل مع فصاحتهما يستعملان ذلك فلو أنهما وليتا من أمر المصاحف ما وليه من تقدم من المهاجرين والأنصار لرسمتا جميع تلك الحروف على حال استقرارها في اللفظ ووجودها في المنطق دون المعاني والوجوه إذ ذلك هو المعهود عندهما والذي جرى عليه استعمالها هذا تأويل قول عثمان عندي لو ثبت وجاء مجيء الحجة. وبالله التوفيق.
حدثنا خلف بن إبراهيم المقرئ قال: حدثنا أحمد بن محمد المكي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا القاسم بن سلام قال: حدثنا حجاج عن هارون قال: أخبرني الزبير بن الخريت عن عكرمة قال: لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان رضي الله عنه فوجد فيها حروفا من