للطعن في القرآن بالاختلاف والاضطراب بين نسخه، وهذا من جنس البلاء الذي أصيبت به الكتب الإلهية الأولى حينما عبثت بها الأيدي والأفكار، وقد جاءت شريعة الإسلام بسد ذرائع الشر والقضاء عليها؛ محافظة على الدين، ومنعا للشر والفساد.
ج - يخشى إذا رخص في ذلك أو أقر أن يصير كتاب الله - القرآن - ألعوبة بأيدي الناس، كلما عن لإنسان فكرة في كتابة القرآن اقترح تطبيقها فيه، فيقترح بعضهم كتابته بالعبرية، وآخرون كتابته بالسريانية، وهكذا مستندين في ذلك إلى ما استند إليه من كتبه بالحروف اللاتينية من التيسير ورفع الحرج والتوسع في الاطلاع والبلاغ وإقامة الحجة، وفي هذا ما فيه من الخطر العظيم. وقد نصح مالك بن أنس الرشيد أو جده المنصور: ألا يهدم بناء الكعبة الذي أقامه عبد الملك بن مروان ليعيدها إلى بنائها الذي بناه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه على قواعد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، خشية أن تصير الكعبة ألعوبة بأيدي الولاة.
قال تقي الدين الفاسي في كتابه [شفاء الغرام] : (ويروى أن الخليفة الرشيد أو جده المنصور أراد أن يغير ما صنعه الحجاج بالكعبة وأن يردها إلى ما صنعه ابن الزبير - فنهاه عن ذلك الإمام مالك بن أنس رحمه الله، وقال له: نشدتك الله لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره، فتذهب هيبته من قلوب الناس. انتهى بالمعنى، ثم قال: وكأنه في ذلك لحظ أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح، وهي قاعدة مشهورة معتمدة) . . اهـ.