طاف للقدوم إما نسيانا أو غيره، فطواف القدوم هذا وإن كان متأخرا عن طواف الزيارة يكفيه عن طواف الوداع، وهذا على القول بسنية طواف القدوم بعد الرجوع من عرفة للمتمتع، وللمفرد والقارن اللذين لم يدخلا مكة قبل وقوفهما بعرفة، وهو نص الإمام أحمد، اختاره الخرقي، أما على اختيار الموفق، والشارح، وشيخ الإسلام، وابن القيم، وابن رجب، فلا يسن طواف القدوم بعد الرجوع من عرفة، وهو الذي تدل عليه السنة، كما تقدم في فصل:(ثم يفيض إلى مكة، ويكتفي بطواف الزيارة الذي هو ركن في الحج) والله أعلم. ولا وداع على حائض ونفساء لحديث ابن عباس وفيه:(إلا أنه خفف عن الحائض) وتقدم، والنفساء في معناها؛ لأن حكمه حكم الحيض فيما يمنعه وغيره، ولا فدية على الحائض والنفساء؛ لظاهر حديث صفية المتقدم، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بفدية إلا أن تطهر الحائض والنفساء قبل مفارقة بنيان مكة فيلزمهما العود، ويغتسلان للحيض والنفاس؛ لأنهما في حكم المقيم بدليل أنهما لا يستبيحان الرخص قبل مفارقة البنيان ثم يودعان، فإن لم تعودا للوداع مع طهرهما قبل مفارقة البنيان ولو لعذر فعليهما دم؛ لتركهما نسكا واجبا، فأما إن فارقت الحائض والنفساء البنيان قبل طهرهما لم يجب عليهما الرجوع لخروجهما عن حكم الحاضر، فإن قيل: فلم لا يجب الرجوع عليهما مع القرب كما يجب على الخارج لغير عذر؟ قلنا: هناك ترك واجبا فلم يقسط بخروجه مع القرب كما تقدم تفصيله، وهاهنا لم يكن واجبا عليهما ولم يثبت وجوبه ابتداء إلا في حق من كان مقيما وهما حين الإقامة لا يجب عليهما لحصول الحيض والنفاس. والله أعلم، وأما المعذور غير الحائض والنفساء، كالمريض