للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يختص بالحرم فكذا هذا، وأما ما روي فقد اختلفت الروايات في نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدايا حين أحصر، فروي «أنه بعث الهدايا على يدي ناجية، لينحرها في الحرم حتى قال ناجية: ماذا أصنع فيما يعطب منها؟ قال: انحرها، واصبغ نعلها بدمها، واضرب بها صفحة سنامها، وخل بينها وبين الناس، ولا تأكل أنت ولا رفقتك منها شيئا (١) » وهذه الرواية أقرب إلى موافقة الآية قال الله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} (٢) فأما الرواية الثانية إن صحت فنقول: الحديبية من الحرم فإن نصفها من الحل، ونصفها من الحرم، ومضارب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في الحل، ومصلاه كان في الحرم، فإنما سيقت الهدايا إلى جانب الحرم منها ونحرت في الحرم، فلا يكون للخصم فيه حجة، وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا بذلك؛ لأنه ما كان يجد في ذلك الوقت من يبعث الهدايا على يده إلى الحرم (٣) .

٧ - وقال ابن عابدين:

قوله: (ما يهدى) مأخوذ من الهدية التي هي أعم من الهدي لا من الهدي، وإلا لزم ذكر المعرف في التعريف فيلزم تعريف الشيء بنفسه، قلت: (لو أخذ من الهدي يكون تعريفا لفظيا وهو سائغ) واحترز بقوله: (إلى الحرم) عما يهدى إلى غيره نعما كان أو غيره، وبقوله: (من النعم) عما يهدى إلى الحرم من غير النعم، فإطلاق الفقهاء في باب الأيمان


(١) صحيح مسلم الحج (١٣٢٥) ، سنن أبو داود المناسك (١٧٦٣) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٧٩) .
(٢) سورة الفتح الآية ٢٥
(٣) [المبسوط] للسرخسي (٤\ ١٠٦، ١٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>