للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سائر المشركين، وإذا حمل على دخول المسجد كان خاصا في ذلك دون قرب المسجد، والذي في الآية: النهي عن قرب المسجد فغير جائز تخصيص المسجد به دون ما يقرب منه

وقد روى حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص: «أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهم قبة في المسجد فقالوا: يا رسول الله، قوم أنجاس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنه ليس على الأرض من أنجاس الناس شيء، إنما أنجاس الناس على أنفسهم»

وروى يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب: أن أبا سفيان كان يدخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو كافر، غير أن ذلك لا يحل في المسجد الحرام؛ لقول الله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} (١) قال أبو بكر: فأما وفد ثقيف فإنهم جاءوا بعد فتح مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والآية نزلت في السنة التي حج فيها أبو بكر، وهي سنة تسع، فأنزلهم النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، وأخبر أن كونهم أنجاسا لا يمنع دخولهم المسجد

وفي ذلك دلالة على أن نجاسة الكفر لا تمنع الكافر من دخول المسجد، وأما أبو سفيان فإنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتجديد الهدنة، وذلك قبل الفتح، وكان أبو سفيان مشركا حينئذ، والآية وإن كان نزولها بعد ذلك فإنما اقتضت النهي عن قرب المسجد الحرام، ولم تقتض المنع من دخول الكفار سائر المسجد

فإن قيل: لا يجوز للكافر دخول الحرم إلا أن يكون عبدا أو صبيا أو نحو ذلك؛ لقوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} (٢) ولما روى زيد بن يثيع عن علي رضي الله عنه: أنه نادى بأمر النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الحرم مشرك» ، قيل له: إن صح هذا اللفظ فالمراد: أن لا يدخله للحج

وقد روي في إخبار عن علي أنه نادى: أن لا يحج بعد


(١) سورة التوبة الآية ٢٨
(٢) سورة التوبة الآية ٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>