فمن لا يعلم التحريم حتى أوقعها ثم لما علم التحريم تاب والتزم أن لا يعود إلى المحرم- فهذا لا يستحق أن يعاقب، وليس في الأدلة الشرعية: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، ما يوجب لزوم الثلاث له، ونكاحه ثابت بيقين، وامرأته محرمة على الغير بيقين، وفي إلزامه بالثلاث إباحتها للغير مع تحريمها عليه، وذريعة إلى نكاح التحليل الذي حرمه الله ورسوله.
و (نكاح التحليل) لم يكن ظاهرا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه، ولم ينقل قط أن امرأة أعيدت بعد الطلقة الثالثة على عهدهم إلى زوجها بنكاح تحليل، بل (لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له)(ولعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه) ولم يذكر في التحليل الشهود ولا الزوجة ولا الولي؛ لأن التحليل الذي كان يفعل كان مكتوما بقصد المحلل، أو يتواطأ عليه هو والمطلق المحلل له، والمرأة ووليها لا يعلمون قصده، ولو علموا لم يرضوا أن يزوجوه، فإنه من أعظم المستقبحات والمنكرات عند الناس؛ ولأن عاداتهم لم تكن بكتابة الصداق في كتاب، ولا إشهاد عليه، بل كانوا يتزوجون ويعلنون النكاح، ولا يلتزمون أن يشهدوا عليه شاهدين وقت العقد، كما هو مذهب مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإشهاد على النكاح حديث صحيح، هكذا قال أحمد بن حنبل وغيره.
فلما لم يكن على عهد عمر - رضي الله تعالى عنه - تحليل ظاهر، ورأى في إنفاذ الثلاث زجرا لهم عن المحرم- فعل ذلك باجتهاده، أما إذا كان الفاعل لا يستحق العقوبة، وإنفاذ الثلاث يفضي إلى وقوع التحليل المحرم- بالنص