للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المظاهر من امرأته بكفارة الظهار، فظهر والله أعلم: أن الله تعالى عاقب من طلق ثلاثا بإنفاذها عليه وسد المخرج أمامه، حيث لم يتق الله فظلم نفسه وتعدى حدود الله.

ثانيا: ما في [الصحيحين] عن عائشة رضي الله عنها: «أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت فطلقت، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم أتحل للأول؟ قال: لا، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول (١) » ، فقد ذكره البخاري رحمه الله تحت ترجمة (باب من أجاز الطلاق ثلاثا) ، واعترض على الاستدلال به بأنه مختصر من قصة رفاعة بن وهب التي جاء في بعض رواياتها عند مسلم أنها طلقها زوجها آخر ثلاث تطليقات.

ورد الحافظ ابن حجر رحمه الله الاعتراض بأن غير رفاعة قد وقع له مع امرأته نظير ما وقع لرفاعة، فلا مانع من التعدد، فإن كلا من رفاعة القرظي ورفاعة النضري وقع له مع زوجة له طلاق فتزوج كلا منهما عبد الرحمن بن الزبير فطلقها قبل أن يمسها، ثم قال: وبهذا يتبين خطأ من وحد بينهما ظنا منه أن رفاعة بن سموءل هو رفاعة بن وهب. اهـ.

وعند مقابلة هذا الحديث بحديث ابن عباس الذي رواه عنه طاوس «كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدر من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة (٢) » إلخ. . .) فإن الحال لا تخلو من أمرين: إما أن يكون معنى الثلاث في حديث عائشة وحديث طاوس أنها مجتمعة أو متفرقة، فإن كانت مجتمعة فحديث عائشة متفق عليه فهو أولى بالتقديم، وفيه التصريح بأن تلك الثلاث تحرمها ولا تحل إلا بعد زوج، وإن كانت متفرقة


(١) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٦١) .
(٢) صحيح مسلم الطلاق (١٤٧٢) ، سنن النسائي الطلاق (٣٤٠٦) ، سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>