للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا حجة في حديث طاوس على محل النزاع في وقوع الثلاث بلفظ واحد واحدة، وأما اعتبار الثلاث في حديث عائشة مفرقة وفي حديث طاوس مجتمعة فلا وجه له ولا دليل عليه.

ثالثا: لما وجه به بعض أهل العلم كابن قدامة - رحمه الله - حيث يقول: ولأن النكاح ملك يصح إزالته متفرقا فصح مجتمعا كسائر الأملاك. والقرطبي رحمه الله حيث يقول: وحجة الجمهور من جهة اللزوم من حيث النظر ظاهرة جدا، وهو أن المطلقة ثلاثا لا تحل للمطلق حتى تنكح زوجا غيره، ولا فرق بين مجموعها ومفرقها لغة وشرعا وما يتخيل من الفرق صوري ألغاه الشارع اتفاقا في النكاح والعتق والأقارير، فلو قال الولي: أنكحتك هؤلاء الثلاث في كلمة واحدة انعقد، كما لو قال: أنكحتك هذه وهذه وهذه، وكذلك في العتق والإقرار وغير ذلك من الأحكام. اهـ، وغاية ما يمكن أن يتجه على المطلق بالثلاث لومه على الإسراف برفع نفاذ تصرفه.

رابعا: لما أجمع عليه أهل العلم إلا من شذ في إيقاع الطلاق من الهازل، استنادا إلى حديث أبي هريرة وغيره مما تلقته الأمة بالقبول، من أن «ثلاثا جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق والنكاح والرجعة (١) » ولأن قلب الهازل بالطلاق عمد ذكره، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تعليله القول بوقوع الطلاق من الهازل، حيث قال: ومن قال: لا لغو في الطلاق فلا حجة معه؛ بل عليه؛ لأنه لو سبق لسانه بذكر الطلاق من غير عمد القلب لم يقع به وفاقا، وأما إذا قصد اللفظ به هازلا فقد عمد قلبه


(١) سنن الترمذي الطلاق (١١٨٤) ، سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٤) ، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>