للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوق يده، وإن كانت ناشزا أمروه أن يخلع.

قال أبو بكر: وهذا نظير العنين والمجبوب والإيلاء، في باب أن الحاكم هو الذي يتولى النظر في ذلك والفصل بينهما بما يوجبه حكم الله، فإذا اختلفا وادعى النشوز وادعت هي عليه ظلمه وتقصيره في حقوقها حينئذ بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها ليتوليا النظر فيما بينهما ويردا إلى الحاكم ما يقفان عليه من أمرهما، وإنما أمر الله تعالى بأن يكون أحد الحكمين من أهلها والآخر من أهله لئلا تسبق الظنة إذا كانا أجنبيين بالميل إلى أحدهما، فإذا كان أحدهما من قبله والآخر من قبلها زالت الظنة وتكلم كل واحد منهما عمن هو من قبله.

ويدل أيضا قوله تعالى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (١) على أن الذي من أهله وكيل له والذي من أهلها وكيل لها كأنه قال: فابعثوا رجلا من قبله ورجلا من قبلها، فهذا يدل على بطلان قول من يقول: إن للحكمين أن يجمعا إن شاءا، وإن شاءا فرقا بغير أمرهما، وزعم إسماعيل بن إسحاق: أنه حكى عن أبي حنيفة وأصحابه أنهم لم يعرفوا أمر الحكمين.

قال أبو بكر: هذا تكذب عليهم وما أولى بالإنسان حفظ لسانه لا سيما فيما يحكيه عن العلماء، قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (٢) ومن علم أنه مؤاخذ بكلامه قل كلامه فيما لا يعنيه، وأمر


(١) سورة النساء الآية ٣٥
(٢) سورة ق الآية ١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>