للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقله عنه إلى غيره من غير رضا من هو له، فالحكمان إنما يبعثان بينهما وليشهدا على الظالم منهما، كما روى سعيد عن قتادة في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} (١) الآية، قال: إنما يبعث الحكمان ليصلحا، فإن أعياهما أن يصلحا شهدا على الظالم بظلمه، وليس بأيديهما الفرقة ولا يملكان ذلك، وكذلك روي عن عطاء.

قال أبو بكر: في فحوى الآية ما يدل على أنه ليس للحكمين أن يفرقا، وهو قوله تعالى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (٢) ولم يقل: إن يريدا فرقة، وإنما يوجه الحكمان ليعظا الظالم منهما، وينكرا عليه ظلمه، وإعلام الحاكم بذلك ليأخذ هو على يده، فإن كان الزوج هو الظالم أنكرا عليه ظلمه، وقالا له: لا يحل لك أن تؤذيها لتخلع منك، وإن كانت هي الظالمة قالا لها: قد حلت لك الفدية، وكان في أخذها معذورا لما يظهر للحكمين من نشوزها، فإذا جعل كل واحد منهما إلى الحكم الذي من قبله ماله من التفريق والخلع - كانا مع ما ذكرنا من أمرهما وكيلين جائز لهما أن يخلعا إن رأيا، وأن يجمعا إن رأيا ذلك صلاحا، فهما في حال شاهدان، وفي حال مصلحان، وفي حال آمران بمعروف وناهيان عن منكر، ووكيلان في حال إذا فوض إليهما الجمع والتفريق، وأما قول من قال: إنهما يفرقان ويخلعان من غير توكيل الزوجين فهو تعسف خارج عن الكتاب والسنة، والله تعالى أعلم بالصواب. اهـ. (٣) .


(١) سورة النساء الآية ٣٥
(٢) سورة النساء الآية ٣٥
(٣) [أحكام القرآن] (٢\٢٣٠-٢٣٥) المطبعة البهية عام ١٣٤٧هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>