للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (١)

قال ابن قدامة رحمه الله على قول الخرقي: (ولا شفعة لكافر على مسلم) : وجملة ذلك: أن الذمي إذا باع شريكه شقصا لمسلم فلا شفعة له عليه، روي ذلك عن الحسن والشعبي، وروي عن شريح وعمر بن عبد العزيز: أن له الشفعة، وبه قال النخعي، وإياس بن معاوية، وحماد بن أبي سليمان، والثوري، ومالك، والشافعي، والعنبري، وأصحاب الرأي؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم «لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه، وإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به (٢) » ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر بالشراء فاستوى فيه المسلم والكافر كالرد بالعيب.

ولنا: ما روى الدارقطني في كتاب [العلل] بإسناده عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا شفعة لنصراني» وهذا يخص عموم ما احتجوا به، ولأنه معنى يملك به يترتب على وجود ملك مخصوص، فلم يجب للذمي على المسلم كالزكاة، ولأنه معنى يختص العقار فأشبه الاستعلاء في البنيان، يحققه أن الشفعة إنما تثبت للمسلم دفعا للضرر عن ملكه، فقدم دفع ضرره على دفع ضرر المشتري، ولا يلزم من تقديم دفع ضرر المسلم على المسلم تقديم دفع ضرر الذمي، فإن حق المسلم أرجح، ورعايته أولى؛ ولأن ثبوت الشفعة في محل الإجماع على خلاف الأصل رعاية لحق الشريك المسلم، وليس الذمي في معنى المسلم، فيبقى فيه على مقتضى


(١) سورة النساء الآية ١٤١
(٢) صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٨) ، سنن النسائي البيوع (٤٧٠١) ، سنن أبو داود البيوع (٣٥١٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣١٦) ، سنن الدارمي البيوع (٢٦٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>