وقد نصر ابن القيم رحمه الله القول بنفي شفعة الكافر على المسلم، وناقش القائلين بثبوتها، ورد عليهم قولهم، فقال ما نصه: ولهذا لم يثبت عن واحد من السلف لهم حق شفعة على مسلم، وأخذ بذلك الإمام أحمد، وهي من مفرداته التي برز بها على الثلاثة؛ لأن الشقص يملكه المسلم إذا أوجبنا فيه شفعة لذمي كنا قد أوجبنا على المسلم أن ينقل الملك في عقاره إلى كافر بطريق القهر للمسلم، وهذا خلاف الأصول.
والشفعة في الأصل إنما هي من حقوق أحد الشريكين على الآخر بمنزلة الحقوق التي تجب للمسلم على المسلم؛ كإجابة الدعوة، وعيادة المريض، وكمنعه أن يبيع على بيع أخيه، أو يخطب على خطبته، قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن الذمي اليهودي والنصراني لهم شفعة؟ قال: لا. وكذلك نقل أبو طالب وصالح وأبو الحارث والأثرم كلهم عنه: ليس للذمي شفعة، زاد أبو الحارث: مع المسلم، قال الأثرم: قيل له: لم؟ قال: لأنه ليس له مثل حق المسلم واحتج فيه.
قال الأثرم: ثنا الطباع، ثنا هشيم، أخبرنا الشيباني عن الشعبي: أنه كان يقول: ليس لذمي شفعة. وقال سفيان عن حميد عن أبيه: إنما الشفعة لمسلم، ولا شفعة لذمي. وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن زيد، عن ليث، عن مجاهد أنه قال: ليس ليهودي ولا لنصراني