التي هي معاش الخلق، وهم مضطرون إليها، وتحريم تفويت هذه الأصول الخمسة والزجر عنها يستحيل ألا تشتمل عليه ملة من الملل، وشريعة من الشرائع التي أريد بها إصلاح الخلق؛ ولذلك لم تختلف الشرائع في تحريم الكفر، والقتل، والزنا، والسرقة، وشرب المسكر، أما ما يجري مجرى التكملة والتتمة لهذه المرتبة: فكقولنا: المماثلة مرعية في استيفاء القصاص؛ لأنه مشروع للزجر والتشفي ولا يحصل ذلك إلا بالمثل، وكقولنا: القليل من الخمر إنما حرم؛ لأنه يدعو إلى الكثير فيقاس عليه النبيذ، فهذا دون الأول؛ ولذلك اختلفت فيه الشرائع، أما تحريم السكر فلا تنفك عنه شريعة؛ لأن السكر يسد باب التكليف والتعبد.
الرتبة الثانية: ما يقع في رتبة الحاجات من المصالح والمناسبات كتسليط الولي على تزويج الصغيرة والصغير، فذلك لا ضرورة إليه، لكنه يحتاج إليه في اقتناء المصالح، وتقييد الاكتفاء خيفة من الفوات واستغناما للصلاح المنتظر في المأكل، وليس هذا كتسليط الولي على تربيته وإرضاعه وشراء الملبوس والمطعوم لأجله، فإن ذلك ضرورة لا يتصور فيها اختلاف الشرائع المطلوب بها مصالح الخلق، أما النكاح في حال الصغر فلا يرهق إليه توقان شهوة ولا حاجة تناسل، بل يحتاج إليه لصلاح المعيشة باشتباك العشائر، والتظاهر بالأصهار وأمور من هذا الجنس لا ضرورة إليها.
أما ما يجري مجرى التتمة لهذه الرتبة فهو كقولنا: لا تزوج الصغيرة إلا من كفء بمهر مثل، فإنه أيضا مناسب، ولكنه دون أصل الحاجة إلى النكاح؛ ولهذا اختلف العلماء فيه.
الرتبة الثالثة: ما لا يرجع إلى ضرورة ولا إلى حاجة، ولكن يقع موقع