للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق نا طاهر نا ابن وهب عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه (١) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام (٢) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «بينتك أو يمينه ليس لك إلا ذلك (٣) » .

قالوا: فقد سوى الله تعالى على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام بين تحريم الدماء والأموال، وبين الدعوى في الدماء والأموال، وأبطل كل ذلك، ولم يجعله إلا بالبينة واليمين على المدعى عليه، فوجب أن يكون الحكم في كل ذلك سواء لا يفترق في شيء أصلا، لا فيمن يحلف ولا في عدد يمين ولا في إسقاط الغرامة إلا بالبينة ولا مزيد.

وهذا كله حق، إلا أنهم تركوا ما لا يجوز تركه مما فرض الله تعالى على الناس إضافته إلى ما ذكروا، وهو أن الذي حكم بما ذكروا وهو المرسل إلينا من الله تعالى - هو الذي حكم بالقسامة، وفرق بين حكمها وبين سائر الدماء والأموال المدعاة، ولا يحل أخذ شيء من أحكامه وترك سائرها، إذ كلها من عند الله تعالى وكلها حق، وفرض الوقوف عنده والعمل به، وليس بعض أحكامه علمه السلام أولى بالطاعة من بعض، ومن خالف هذا فقد دخل تحت المعصية وتحت قوله تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (٤) ولا فرق بين من ترك حديث «بينتك أو يمينه (٥) » لحديث القسامة وبين من ترك حديث القسامة لتلك الأحاديث (٦) .


(١) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٥٥٢) ، صحيح مسلم الأقضية (١٧١١) ، سنن الترمذي الأحكام (١٣٤٢) ، سنن النسائي آداب القضاة (٥٤٢٥) ، سنن أبو داود الأقضية (٣٦١٩) ، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٢١) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٨٨) .
(٢) صحيح البخاري الحج (١٧٤١) ، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧٩) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٣٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٣٧) ، سنن الدارمي المناسك (١٩١٦) .
(٣) صحيح مسلم الإيمان (١٣٩) ، سنن الترمذي الأحكام (١٣٤٠) ، سنن أبو داود الأيمان والنذور (٣٢٤٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣١٧) .
(٤) سورة البقرة الآية ٨٥
(٥) صحيح مسلم الإيمان (١٣٩) ، سنن الترمذي الأحكام (١٣٤٠) ، سنن أبو داود الأيمان والنذور (٣٢٤٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣١٧) .
(٦) [المحلى] (١١ \ ٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>