للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يوضح جواب ابن حزم رحمه الله ما قاله الخطابي رحمه الله، قال: هذا حكم خاص جاءت به السنة لا يقاس على سائر الأحكام، وللشريعة أن تخص كما لها أن تعم، ولها أن تخالف بين سائر الأحكام المتشابهة في الصفة، كما لها أن توفق بينها ولها نظائر كثيرة في الأصول (١) .

وجاء معنى ذلك عن ابن المنذر (٢) وابن حجر (٣) .

وقد أورد ابن حزم: رحمه الله اعتراضا على جوابه:

وأجاب عنه فقال: فإن قالوا: الدماء حدود ولا يمين في الحدود. قيل لهم: ما هي الحدود؟ لأن الحدود ليست بموكولة إلى اختيار أحد إن شاء أقامها وإن شاء عطلها، بل هي واجبة لله تعالى وحده، لا خيار فيها لأحد ولا حكم، وأما الدماء فهي موكولة إلى اختيار الولي؛ إن شاء استقاد، وإن شاء عفا، فبطل أن تكون من الحدود وصح أنها من حقوق الناس، وفسد قول من فرق بينهما وبين حقوق الناس من أموال وغيرها إلا حيث فرق الله تعالى ورسوله بين الدماء والحقوق وغيرها وليس ذلك إلا حيث القسامة فقط (٤) .

وقد أجاب شيخ الإسلام: بأن القسامة من الحدود لا من الحقوق، فقال: وهذه الأمور - أي: أمثلة منها القسامة - من الحدود في المصالح العامة ليس من الحقوق الخاصة، وقال: فلولا القسامة في الدماء لأفضى


(١) [معالم السنن] (٦ \ ٣١٥) .
(٢) [الجامع لأحكام القرآن] (١ \ ٤٥٨) .
(٣) [فتح الباري] (١٢ \ ١٩٧) .
(٤) [المحلى] (١١ \ ٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>