للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هم الغزاة وموضع الرباط يعطون ما ينفقون في غزوهم كانوا أغنياء أو فقراء، وهذا قول أكثر العلماء، وهو تحصيل مذهب مالك رحمه الله (١) اهـ.

وقال ابن العربي: (المسألة التاسعة عشرة) قوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٢) قال مالك: سبل الله كثيرة، ولكني لا أعلم خلافا في أن المراد بسبيل الله هاهنا: الغزو، ومن جملة سبيل الله، إلا ما يؤثر عن أحمد وإسحاق فإنهما قالا: إنه الحج، والذي يصح عندي من قولهما: أن الحج من جملة السبل مح الغزو؛ لأنه طريق بر فأعطي منه باسم السبيل، وهذا يحل عقد الباب، ويخرم قانون الشريعة، وينثر سلك النظر، وما جاء قط بإعطاء الزكاة في الحج أثر، وقد قال علماؤنا: ويعطى منها الفقير بغير خلاف؛ لأنه قد سمي في أول الآية، ويعطى الغني عند مالك بوصف سبيل الله تعالى، ولو كان غنيا في بلده أو في موضعه الذي يأخذ به لا يلتفت إلى غير ذلك من قوله الذي يؤثر عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: غاز في سبيل الله (٣) » .

وقال أبو حنيفة: لا يعطى الغازي إلا إذا كان فقيرا، وهذه زيادة على النص. وعنده أن الزيادة على النص نسخ ولا نسخ في القرآن إلا بقران مثله أو بخبر متواتر، وقد بينا أنه فعل مثل هذا في الخمس في قوله: {وَلِذِي الْقُرْبَى} (٤) فشرط في قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقر، وحينئذ يعطون من الخمس، وهذا كله ضعيف حسبما بيناه.


(١) [الجامع لأحكام القرآن] ، (٩\ ١٨٥) .
(٢) سورة التوبة الآية ٦٠
(٣) سنن أبو داود الزكاة (١٦٣٥) ، سنن ابن ماجه الزكاة (١٨٤١) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٥٦) ، موطأ مالك الزكاة (٦٠٤) .
(٤) سورة الأنفال الآية ٤١

<<  <  ج: ص:  >  >>