للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإننا بهذه الدراسة العميقة المسلّمة بحقائق نفتح مغاليق في العلم، ونتكشف الحقائق الكونية بهداية من القرآن، على أنه المرشد لها، وليس التابع، ولا الخاضع، وكتاب الله تعالى هو كتاب الحق والصدق والعلم؛ لأنه من عند الله الذي لا يخفى عليه شيء في السماء ولا في الأرض، وهو كتاب الوجود، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.

الإنسان في القرآن:

٢٣٣- ذكر الله -سبحانه وتعالى- خلق الإنسان من طين، وخلق الجن من نار، وقد بيِّنَ ذلك في أصل الخليقة، وقد ذكر الله تعالى في آيات وسور مختلفة، وكلها سيقت بالبيان المتناسق في موضعها وموضوعها، ولنذكر من غير اختيار آيات كريمات في موضع منها، قال تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ، وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ، وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ، وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ، فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: ٣٠- ٣٦] .

وإن هذا النص الكريم يبيِّن ثلاث حقائق كانت مع الإنسان:

أولها: إنه أوتي استعدادًا لعلم الإشياء، أي: علم الكون وما فيه؛ لأنَّ الله تعالى سخرها له، ولا يتحقق ذلك التسخير إلَّا إذا أودع الله تعالى نفسه القدرة على العلم بها، ولذلك أنبأ الملائكة بأسمائها.

الثانية: إنَّ في طبيعة الإنسان الاستعداد للإغراء، ومن هذه الناحية جاء إبليس، فأغرى أبوي الإنسان بالأكل من الشجرة، وقد نهاهما الله تعالى، ولكنهما تحت تأثير ذلك الإغراء نسيا نهي الله، كما قال تعالى في وصف آدم أبي الخليفة: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: ١١٥] .

<<  <   >  >>