ومما يدعو إلى أشد الأسف أن هؤلاء جميعا اعتمدوا فى روايتهم على ما ورد فى بعض كتب السيرة والكثير من الحديث، ثم أقاموا على ما صوروا قصورا من الخيال فى شأن محمد وصلته بالمرأة...... والنبي لم يكن كما صور هؤلاء وأولئك، رجلا يأخذ بعقله الهوى وهو لم يتزوج من تزوج من نسائه بدافع من شهوة أو غرام، وإذا كان بعض الكتاب المسلمين فى بعض العصور قد أباحوا لأنفسهم أن يقولوا هذا القول، وأن يقدموا خصوم الإسلام عن حسن نية هذه الحجة فذلك لأنهم انحدر بهم التقليد إلى المادية فأرادوا أن يصوروا محمدا عظيما فى كل شيء، عظيما حتى فى شهوات الدنيا، وهذا تصوير خاطئ ينكره تاريخ محمد أشد إنكار. وتأبى حياته كلها أن تقره. فالنبي قد تزوج خديجة وهو فى الثالثة والعشرين من عمره وهو فى شرخ الصبا وريعان الفتوة ومع ذلك ظلت خديجة وحدها زوجة ثمانيا وعشرين سنة حتى تخطى الخمسين. فمن غير الطبيعي أن تراه وقد تخطى الخمسين ينقلب فجأة هذا الانقلاب الذي يجعله ما يكاد يرى زينب بنت جحش، وعنده نساء خمس غيرها، حتى يفتن بها وحتى تستغرق تفكيره ليله ونهاره ... إنها صورة لا تلبق فى ضعتها برجل مادي، عظيم استطاعت رسالته أن تنقل العالم وأن تغير مجرى التاريخ، وما تزال على استعداد لأن تنقل العالم مرة أخرى وتفسير مجرى التاريخ طورا جديد» [.....] .