للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابتلى الله عز وجل عاصما بذلك في يوم الجمعة الأخرى، فأتاه ابن عمه عويمر الأنصاري من بني العجلان بن عمرو بن عوف، وتحته ابنة عمه أخي أبيه، فرماها بابن عمه شريك بن السحماء «٥٨» والخليل والزوج والمرأة كلهم من بني عمرو بن عوف وكلهم بنو عم عاصم. فقال «عويمر» يا عاصم لقد رأيت شريكا على بطن امرأتي فاسترجع عاصم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيت سؤالي عن هذه وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ؟ فقد ابتليت بها في أهل بيتي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما ذاك يا عاصم؟ فقال: أتاني ابن عمي فأخبرني أنه وجد ابن عم لنا على بطن امرأته، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزوج والخليل والمراة، فاتوه فقضى بينهم «٥٩» .

فهاتان الروايتان صحيحتان، ولا مرجح لإحداهما على الاخرى. ومن السهل ان نأخذ بكلتيهما لقرب زمانيهما، على اعتبار ان أول من سال هو هلال بن امية، ثم قفاه عويمر قبل اجابته، فسال بواسطة عاصم مرة، وبنفسه مرة اخرى «٦٠» .

فانزل الله الآية اجابة للحادثين معا. ولا ريب ان اعمال الروايتين بهذا الجمع، اولى من اعمال إحداهما وإهمال الاخرى، إذ لا مانع يمنع الأخذ بهما على ذلك الوجه.

ثم لا جائز ان نردهما معا لأنهما صحيحتان ولا تعارض بينهما، ولا جائز ايضا ان نأخذ بواحدة ونرد الاخرى لان ذلك ترجيح بلا مرجح. فتعين المصير الى ان نأخذ بهما معا. واليه جنح النووي وسبقه اليه الخطيب فقال: (لعلهما اتفق لهما ذلك فى وقت واحد «٦١» اهـ.

واما الصورة الرابعة- وهي استواء الروايتين او الروايات فى الصحة دون مرجح لإحداهما، ودون إمكان الأخذ بهما معا او بها جميعا، لبعد الزمان بين الأسباب- فحكمها هو تكرار نزول الآية بعدد اسباب النزول التي تحدثت عنها الروايتان، لأنه اعمال لكل رواية ولا مانع منه.


(٥٨) فى رواية مقاتل ادراج. فقد لاحظنا ان رواية البخاري الاولى عن ابن عباس ان هلال بن امية قذف امرأته عند النبي (ص) بشريك بن سحماء.
والحديث الثاني برواية الشيخين عن سهل بن سعد، ان عويمرا قذف امرأته برجل (مبهم غير مذكور الاسم) . غير ان مقاتلا وضح هذا المبهم بانه شريك بن السحماء، مع انه هو المتهم فى الرواية الاولى، عن ابن عباس. فلعل هذا: زيادة من مقاتل. او وهم منه.
(٥٩) الحديث طويل فى تفسير مقاتل: ٢/ ٣٤ ب. ٣٥ ا (انظر تحقيقي له: ٣/ ١٨٣- ١٨٦ وفيه تفصيل لشهادة الزوج على زوجته والزوجة على زوجها. ولقضاء النبي بينهما.
(٦٠) يستفاد ذلك من رواية الشيخين للحديث وهي عن سهل بن سعد (ان عويمرا أتى عاصم ابن عدى.
وكان سيد بنى عجلان فقال: ما نقولون فى رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه ام ما يصنع؟ سل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فسال عاصم النبي صلى الله عليه وسلم، فكره المسائل وعابها، فأخبر عاصم عويمرا. فأتاه فقال «النبي» انه قد نزل فيك وفى صاحبتك قرآن) . الحديث.
(٦١) الإتقان ١/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>