للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ذكرنا ان هذا الوصف للصنم الأكبر لم يرد فى القرآن ولا فى السنة الصحيحة- أدركنا انه من الموضوعات او من الاسرائيليات.

١٠- ونجد فى سورة النمل حديثا عن نبى الله سليمان وبلقيس، وان بلقيس أرسلت الى سليمان هدية تختبره بها. قال تعالى فى حكاية ما قالته بلقيس: وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ النمل/ ٣٥.

ويقول مقاتل فى وصف هذه الهدية: (.. فأرسلت بهدية مع الوفد عليهم المنذر بن عمرو، والهدية مائة وصيف ووصيفة، وجعلت للجارية قصة أمامها وقصة مؤخرها، وجعلت للغلام قصة أمامه وذؤابة وسط رأسه، وألبستهم لباسا واحدا، وبعثت بحقة فيها جوهرتان، إحداهما مثقوبة، والأخرى غير مثقوبة، وقالت للوفد إن كان نبيا فسيميز بين الجواري والغلمان، ويخبر بما فى الحقة، فلما انتهت إلى سليمان عليه السلام، ميز بين الوصفاء والوصائف «٤٩» ، وحرك الحقة، وجاء جبريل عليه السلام فأخبره بما فيها، فقيل له: أدخل في المثقوبة خيطا من غير حيلة إنس ولا جان، واثقب الأخرى من غير حيلة إنس ولا جان، وكانت الجوهرة المثقوبة معوجة الثقب فاتته دودة تكون فى الفضفضة وهي الرطبة، فربط في مؤخرها خيطا، فدخلت الجوهرة حتى أنفذت الخيط إلى الجانب الآخر فجعل رزقها فى الفضفضة وجاءت الأرضة فقالت لسليمان اجعل رزقي في الخشب والسقوف والبيوت قال: نعم فثقبت الجوهرة، فهذه حيلة من غير إنس ولا جان. وسألوه ماء لم ينزل من السماء ولم يخرج من الأرض فامر بالحيل فأجريت حتى عرقت، فجمع ماء العرق فى شيء حتى صفا، وجعل فى قداح الزجاج، فعجب الوفد من عمله وجاء جبريل عليه السلام فأخبره بما في الحقة، فأخبرهم سليمان بما فيها، ثم رد سليمان الهدية وقال للوفد: «أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ» يقول فمما أعطاني الله تعالى من الإسلام والنبوة والملك والجنود خيرا مما أعطاكم) «٥٠» .

وقد نقل النسفي فى تفسير الآية ٣٥ من سورة النمل هذه، كلام مقاتل ولم يعقب عليه بكلمة واحدة، (مع ان وصف الهدية هذا أشبه ما يكون بقصة نسجها خيال شخص مسرف فى تخيله) «٥١» .

وعند ما فسر ابو السعود هذه الآية- نقل كلام مقاتل مع شيء من التغيير، فقد ذكر مقاتل ان هدية بلقيس كانت مائة وصيف ووصيفة. اما ابو السعود فقال:

(روى انها بعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجواري وحليهم الأسوار


(٤٩) يقصد بالوصفاء الذكور، وبالوصائف الإناث.
(٥٠) تفسير مقاتل ٢/ ٥٩ ا، وانظر تحقيقي له مجلد ٣/ ٣٠٤- ٣٠٦.
(٥١) التفسير والمفسرون: ١/ ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>