وجثجاثا» «١» فاحتمل، وقلت أنا: أنبت إجّاصا وتفاحا- فلم يحتمل.
والمختار من الكلام ما كان سهلا جزلا لا يشوبه شىء من كلام العامة وألفاظ الحشويّة، وما لم يخالف فيه وجه الاستعمال؛ ألا ترى إلى قول المتنبى «٢» :
أين البطاريق والحلف الّذى حلفوا ... بمفرق الملك والزّعم الّذى زعموا
هذا قبيح جدّا، وإنما سمع قول العامّة حلف برأسه، فأراد أن يقول مثله؛ فلم يستوله، فقال: بمفرق الملك، ولو جاز هذا لجاز أن يقول: حلف بيافوخ أبيه، وبقمحدوة «٣» سيّده.
وقبح هذا يدلّ على أنّ أمثاله غير جائز فى جميع المواضع، وهذا النوع فى شعر المتنبى كبعد الاستعارة فى شعر أبى تمام.
ومن الألفاظ ما يستعمل رباعيّة وخماسيّه دون ثلاثيّه، ومنها ما هو بخلاف ذلك، فينبغى ألّا تعدل عن جهة الاستعمال فيها، ولا يغرّك أن أصولها مستعملة؛ فالخروج عن الطريقة المشهورة والنّهج المسلوك ردىء على كل حال. ألا ترى أنّ الناس يستعملون «التعاطى» فيكون منهم مقبولا، ولو استعملوا «العطو» وهو أصل هذه الكلمة وهو ثلاثىّ، والثلاثىّ أكثر استعمالا، لما كان مقبولا ولا حسنا مرضيا؛ فقس على هذا.
ومن الألفاظ ما إذا وقع نكرة قبح موضعه وحسن إذا وقع معرفة، مثل قول بعضهم:
لمّا التقينا صاح بين بيننا ... يدنى من القرب البعاد لحاقا
فقوله:«صاح بين بيننا» متكلّف جدا. فلو قال:«البين» كان أقرب؛ على أنّ البيت كلّه ردىء، ليس من وصف البلغاء.