قال أصحاب الإيجاز: الإيجاز قصور البلاغة على الحقيقة، وما تجاوز مقدار الحاجة فهو فضل داخل فى باب الهذر والخطل، وهما من أعظم أدواء الكلام، وفيهما دلالة على بلادة صاحب الصناعة.
[تفضيل الإيجاز]
وفى تفضيل الإيجاز يقول جعفر بن يحيى لكتّابه: إن قدرتم أن تجعلوا كتبكم توقيعات فافعلوا.
وقال بعضهم: الزيادة فى الحدّ نقصان. وقال محمد الأمين: عليكم بالإيجاز فإنّ له إفهاما، وللإطالة استبهاما. وقال شبيب بن شبة: القليل الكافى خير من كثير غير شاف. وقال آخر: إذا طال الكلام عرضت له أسباب التكلّف، ولا خير فى شىء يأتى به التكلّف. وقد قيل لبعضهم: ما البلاغة؟ فقال: الإيجاز. قيل: وما الإيجاز؟
قال: حذف الفضول، وتقريب البعيد.
وسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلا يقول لرجل: كفاك الله ما أهمّك.
فقال: هذه البلاغة. وسمع آخر يقول: عصمك الله من المكاره. فقال: هذه البلاغة.
وقوله صلى الله عليه وسلّم: أوتيت جوامع الكلم.
وقيل لبعضهم: لم لا تطيل الشّعر؟ فقال: حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.