وهو أن يكنى عن الشىء ويعرّض به ولا يصرح، على حسب ما عملوا باللّحن والتّورية عن الشىء. كما فعل العنبرى إذ بعث إلى قومه بصرّة شوك وصرّة رمل وحنظلة، يريد: جاءتكم بنو حنظلة فى عدد كثير ككثرة الرمل والشوك.
وفى كتاب الله تعالى عز وجل: أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ
، فالغائط كناية عن الحاجة، وملامسة النساء كناية عن الجماع.
وقوله تعالى: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
كناية عن النّساء.
ومن مليح ما جاء فى هذا الباب قول أبى العيناء، وقيل له: ما تقول فى ابنى وهب؟
قال: وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ
سليمان أفضل، قيل: وكيف؟ قال: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
[من التعريض الجيد]
ومن التعريض الجيد ما كتب به عمرو بن مسعدة إلى المأمون: أما بعد، فقد استشفع بى فلان إلى أمير المؤمنين، ليتطوّل عليه فى إلحاقه بنظرائه من المرتزقين فيما يرتزقون، فأعلمته أنّ أمير المؤمنين لم يجعلنى فى مراتب المستشفع بهم، وفى ابتدائه بذلك تعدّى طاعته والسلام. فوقع فى كتابه: قد عرفنا تصريحك له، وتعريضك بنفسك، وأجبناك إليهما، وأوقفناك عليهما.
ومن المنظوم قول بشّار:
وإذا ما التقى ابن نهيا وبكر ... زاد فى ذا شبر وفى ذاك شبر