وقال بعضهم: أحكم ابتداءاتهم قول لبيد «١» :
ألا كلّ شىء ما خلا الله باطل ... وكلّ نعيم لا محالة زائل
وبعضهم يجعل ابتداء هذه القصيدة «٢» :
ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل
ومن جياد ابتداءات أهل الجاهلية قول أوس بن حجر:
ولقد أبيت بليلة كليالى
ومنها قول النابغة «٣» :
دعاك الهوى واستجهلتك المنازل ... وكيف تصابى المرء والشيب شامل
ونحوه قول أمية «٤» :
يا نفس مالك بعد الله من واق ... وما على حدثان الدهر من راق
[من غير الجاهلية]
وقالوا: وكان عبد الحميد الكاتب لا يبتدىء «بلولا» ولا «إن رأيت» .
وقد جعل الناس قول أبى تمام «٥» :
يا بعد غاية دمع العين إن بعدوا ... هى الصبابة طول الدهر والسهد
من جياد الابتداءات، وقوله «٦» :
سعدت غربة النّوى بسعاد ... فهى طوع الإتهام والإنجاد
وسئل بعضهم عن أحذق الشعراء، فقال: من يتفقد الابتداء والمقطع.
ولما نظر أبو العميثل فى قصيدة أبى تمام «٧» :
أهنّ عوادى يوسف وصواحبه ... فعزما فقدما أدرك الثأر طالبه
استرذل ابتداءها وأسقط القصيدة كلها، حتى صار إليه أبو تمام، ووقفه على موضع الإحسان منها، فراجع عبد الله بن طاهر، فأجازه.