الفصل الأول من الباب السابع فى حدّ التشبيه وما يستحسن من منثور الكلام ومنظومه
[التشبيه]
التشبيه: الوصف بأنّ أحد الموصوفين ينوب مناب الآخر بأداة التشبيه، ناب منابه أو لم ينب، وقد جاء فى الشعر وسائر الكلام بغير أداة التشبيه. وذلك قولك:
زيد شديد كالأسد؛ فهذا القول الصواب فى العرف وداخل فى محمود المبالغة، وإن لم يكن زيد فى شدّته كالأسد على الحقيقة؛ على أنه قد روى أن إنسانا قال لبعض الشعراء: زعمت أنك لا تكذب فى شعرك، وقد قلت:
ولأنت أجرأ من أسامة
أو يجوز أن يكون رجل أشجع من أسد! فقال: قد يكون ذلك؛ فإنّا قد رأينا مجزأة بن ثور فتح مدينة ولم نر الأسد فعل ذلك، فهذا قول.
ويصحّ تشبيه الشىء بالشىء جملة، وإن شابهه من وجه واحد؛ مثل قولك:
وجهك مثل الشمس، ومثل البدر؛ وإن لم يكن مثلهما فى ضيائهما وعلوّهما ولا عظمهما؛ وإنّما شبّهه بهما لمعنى يجمعهما وإياه وهو الحسن. وعلى هذا قول الله عزّ وجلّ: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ
؛ إنما شبّه المراكب بالجبال من جهة عظمها لا من جهة صلابتها ورسوخها ورزانتها، ولو أشبه الشىء الشىء من جميع جهاته لكان هو هو.