الفصل الثّانى فى البيان عن قبح التشبيه وعيوبه
والتشبيه يقبح إذا كان على خلاف ما وصفناه فى أول الباب، من إخراج الظاهر فيه إلى الخافى، والمكشوف إلى المستور، والكبير إلى الصغير، كما قال النابغة «١» :
تخدى بهم أدم كأنّ رحالها ... علق أريق على متون صوار «٢»
وقال لبيد «٣» :
فخمة ذفراء ترتى بالعرى ... قردمانيّا وتركا كالبصل «٤»
وقال خفاف بن ندبة:
أبقى لها التعداء من عتداتها ... ومتونها كخيوطة الكتان
العتدات: القوائم، والمتون: الظهور؛ يقول: دقت حتى صارت متونها وقوائمها كالخيوط، وهذا بعيد جدا. ومثل هذا محمود غير معيب عند أصحاب الغلو ومن يقول بفضله.
وإذا شبه أيضا صغيرا بكبير وليس بينهما مقاربة فهو معيب أيضا، كقول ساعدة ابن جؤية:
كساها رطيب الريش فاعتدلت لها ... قداح كأعناق الظباء الفوارق
شبه السهام بأعناق الظباء وليس بينهما شبه. ولو وصفها بالدقة لكان أولى.
(١٧- الصناعتين)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute