الصناعتين: الكتابة والشعر

الباب التاسع فى شرح البديع، وهو خمسة وثلاثون فصلا - الفصل الثانى والعشرون فى الرجوع - ص: 395

الفصل الثّانى والعشرون فى الرجوع

[الرجوع]

الرجوع، وهو أن يذكر شيئا ثم يرجع عنه؛ كقول القائل: ليس معك من العقل شىء، بلى «١» بمقدار ما يوجب الحجة عليك. وقال آخر: قليل العلم كثير، بل ليس من العلم قليل؛ وكقول الشاعر:

أليس قليلا نظرة إن نظرتها ... إليك وكلّا ليس منك قليل

أخذه ابن هرمة، فقال:

ليت حظى كلحظة العين منها ... وكثير منها القليل المهغّا «٢»

وقال غيره:

إنّ ما قلّ منك يكثر عندى ... وكثير ممّن تحبّ القليل

وقال دريد بن الصمة:

عير الفوارس معروف بشكته ... كاف إذا لم يكن فى كربه كافى

وقد قتلت به عبسا وإخوتها ... حتى شفيت وهل قلبى به شافى

وقول آخر:

نبّئت فاضح قومه يغتابنى ... عند الأمير وهل علىّ أمير!

وقول آخر «٣» :

وما بى انتصار إن غدا الدهر ظالمى ... علىّ، بلى إن كان من عندك النصر

وقال آخر:

إذا شئت أن تلقى القناعة فاستخر ... جذام بن عمرو إن أجاب جذام

[ومن المذموم منه]

ومن مذموم هذا الباب قول أبى تمام:

رضيت وهل أرضى إذا كان مسخطى ... من الأمر ما فيه رضا من له الأمر