وهو أن يتضمّن الكلام معنيين: معنى مصرّح به، ومعنى كالمشار إليه؛ وذلك مثل قول الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ
فالمعنى المصرّح به فى هذا الكلام أنه لا يقدر أن يهدى من عمى عن الآيات، وصمّ عن الكلم البينات؛ بمعنى أنه صرف قلبه عنها فلم ينتفع بسماعها ورؤيتها؛ والمعنى المشار إليه أنه فضّل السمع على البصر، لأنه جعل مع الصمم فقدان العقل، ومع العمى فقدان النظر فقط.
[مثالها من النثر]
ومن نثر الكتاب ما كتب به الحسن بن وهب: كتابى إليك، وشطر قلبى عندك، والشطر الآخر غير خلو من تذكّرك، والثناء على عهدك، فأعطاك الله بركة وجهك، وزاد فى علوّ قدرك، والنعمة عندك وعندنا فيك.
فقوله:«بركة وجهك» فيه معنيان: أحدهما أنه دعا له بالبركة؛ والآخر أنه جعل وجهه ذا بركة عظيمة، ولعظمها عدل إليها فى الدعاء عن غيرها من بركات المطر وغيره؛ ومثله قول أبى العيناء: سألتك حاجة فرددت بأقبح من وجهك؛ فتضمن هذا اللّفظ قبح وجهه وقبح رده.
[مثالها من المنظوم]
ومن المنظوم قول الأخطل:
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم ... قالوا لأمهم بولى على النّار
فأخبر عن إطفاء النار، فدل به على بخلهم، وأشار إلى مهانتهم، ومهانة أمهم عندهم.
وقول أبى تمام «١» :
يخرج من جسمك السّقام كما ... أخرج ذمّ الفعال من عنقك