لرجل كان يراه فيبغضه: ما اسمك؟ فقال: سعد، قال: على الأعداء. وسمعت والدى رحمه الله يقول: لعن الله الصبر فإن مضرته عاجلة، ومنفعته آجلة، يتعجّل به ألم القلب، بأمثال المنفعة فى العاقبة؛ ولعلها تفوتك لعارض يعرض، فكنت قد تعجلت الغم من غير أن يصل إليك نفع؛ وما سمعت هذا المعنى من غيره، فنظمته بعد ذلك، فقلت:
الصّبر عمن تحبّه صبر ... ونفع من لام فى الهوى ضرر
من كان دون المرام مصطبرا ... فلست دون المرام أصطبر
منفعة الصّبر غير عاجلة ... وربما حال دونها الغير
فقم بنا نلتمس مآربنا ... أقام أو لم يقم بنا القدر
إنّ لنا أنفسا تسودنا ... أعانهنّ الزمان أو يذر
وابغ من العيش ما تسرّ به ... إن عذل الناس فيه أو عذروا
[مثاله من المنظوم]
ومن المنظوم قول الحطيئة فى قوم كانوا يلقبون بأنف الناقة فيأنفون، فقال فيهم «١» :
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ... ومن يسوّى بأنف الناقة الذنبا
فكانوا بعد ذلك يتبجحون بهذا البيت.
ومدح ابن الرومى البخل وعذر البخيل، فقال:
لا تلم المرء على بخله ... ولمه يا صاح «٢» على بذله
لا عجب بالبخل من ذى حجى ... يكرم ما يكرم من أجله
وعذر أبو العتاهية البخيل فى منعه منه، بقوله «٣» :
جزى البخيل علىّ صالحة ... عنّى بخفته على ظهرى
أعلى فأكرم عن نداه يدى «٤» ... فعلت ونزّه قدره قدرى
ورزقت من جدواه عارفة ... ألّا يضيق بشكره صدرى