وإنما أراد: والعيش الناعم خير فى ظلال النوك من العيش الشاقّ فى ظلال العقل، وليس يدلّ لحن كلامه على هذا، فهو من الإيجاز المقصر.
ومن الحذف الردىء أيضا قول الآخر «٣» :
أعاذل عاجل ما أشتهى ... أحبّ من الأكثر الرائث «٤»
يعنى عاجل ما أشتهى مع القلّة أحبّ إلىّ من رائثه مع الكثرة.
ومثله قول عروة بن الورد «٥» :
عجبت لهم إذ يقتلون نفوسهم ... ومقتلهم عند الوغى كان أعذرا
يعنى إذ يقتلون نفوسهم فى السلم.
ومثله من نثر الكتّاب ما كتب بعضهم: فإنّ المعروف إذا زجا «٦» كان أفضل منه إذا توافر وأبطأ. وتمام المعنى أن يقول:«إذا قل وزجا» . فترك ما به يتمّ المعنى؛ وهو ذكر القلّة.
وكتب بعضهم: فما زال حتى أتلف ماله، وأهلك رجاله؛ وقد كان ذلك فى الجهاد والإبلاء أحقّ بأهل الحزم وأولى. والوجه أن يقول: فإن إهلاك المال والرجال فى الجهاد والإبلاء أفضل من فعل ذلك فى الموادعة.
ومثل هذا مقصّر غير بالغ مبلغ ما تقدم فى هذا الباب من الحذف الجيّد.