وأخبرنى أبو أحمد، قال أخبرنى الصولى، قال حدّثنى أبو بكر هرون بن عبد الله المهلبى، قال: كنا فى حلقة دعبل، فجرى ذكر أبى تمام، فقال دعبل: كان يتتبّع معانىّ فيأخذها، فقال له رجل فى مجلسه: ما من ذلك أعزّك الله؟ فقال: قلت «١» :
فلقيت بين يديك حلو عطائه ... ولقيت بين يدىّ مرّ سؤاله
وإذا امرؤ أسدى إليك صنيعه ... من جاهه فكأنّها من ماله
فقال الرجل: أحسن والله! فقال دعبل: كذبت قبّحك الله! قال: لئن كان سبق بهذا المعنى فتبعته لما أحسنت، وإن كان أخذه منك لقد أجاد، فصار أولى به منك! فغضب دعبل وقام.
وسمع بشّار قول المجنون «٥» :
ألا إنّما ليلى عصا خيزرانة ... إذا غمزوها بالأكفّ تلين
فقال: والله لو جعلها عصا من زبد أو مخّ لما أحسن؛ ألا قال كما قلت «٦» :
وحوراء المدامع «٧» من معدّ ... كأنّ حديثها قطع الجمان «٨»
إذا قامت لسبحتها «٩» تثنّت ... كأنّ عظامها من خيزران