عنها، فمر بخيّاط، فقال: يا ذا النّصّاح «١» ، وذات السّمّ «٢» ؛ الطاعن بها فى غير وغى، لغير عدى؛ هل رأيت الخيفانة القبّاء «٣» ، يتبعها الحاسن المسرهفّ «٤» .
كأنّ غرّته القمر الأزهر، ينير فى حضره كالخلّب الأجرد. فقال الخيّاط:
اطلبها فى تزلخ «٥» . فقال: ويلك. وما تقول قبّحك الله؟ فما أعلم رطانتك. فقال:
لعن الله أبغضنا لفظا، وأخطأنا منطقا.
ومثله ما أخبرنا به أبو أحمد عن أبى بكر الصولى قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل، قال حدثنى سعيد بن حميد، قال: نظر رجل إلى أبى علقمة، وتحته بغل مصرى حسن المنظر؛ فقال: إن كان مخبر هذا البغل كمنظره فقد كمل. فقال أبو علقمة: والله لقد خرجت عليه من مصر، فتنكّبت الطريق، مخافة السّراق، وجور السلطان؛ فبينما أنا أسير فى ليلة ظلماء قتماء طخياء «٦» مدلهمّة حندس «٧» داجية، فى صحصح «٨» أملس، إذ أحسّ بنبأة «٩» من صوت نغر «١٠» ، أو طيران ضوع «١١» ، أو نغض سبد «١٢» ؛ فحاص عن الطريق متنكّبا لعزّة نفسه، وفضل قوّته، فبعثته باللّجام فعسل «١٣» ، وحرّكته بالركاب فنسل «١٤» . وانتعل الطريق يغتاله معترما، والتحف الليل لا يهابه مظلما. فو الله ما شبهته إلا بظبية نافرة، تحفزها «١٥» فتخاء شاغية «١٦» . قال الرجل: ادع الله وسله أن يحشر هذا البغل