فلم يقرب أحد من لفظ القرآن فى اختصاره وصفائه، ورونقه وبهائه، وطلاوته ومائه؛ وكذلك جميع ما فى القرآن من الطّباق.
ومما جاء فى كلام النبى صلّى الله عليه وسلّم من الكلام المطابق قوله للأنصار:
«إنّكم لتكثرون عند الفزع، وتقلّون عند الطمع» . وقوله عليه الصلاة والسلام:«خير المال عين ساهرة لعين نائمة» ، يعنى عين الماء ينام صاحبها وهى تسقى أرضه. وقوله عليه الصلاة والسلام:«إيّاكم والمشارّة فإنها تميت الغرّة وتحيى العرّة»«١» .
ومن سائر الكلام قول الحسن: ما رأيت يقينا لا شكّ فيه أشبه بشكّ لا يقين فيه من الموت. وقال أيضا رضى الله عنه: إنّ من خوّفك حتّى تبلغ الأمن خير ممن يؤمنك حيت تلقى الخوف. وقال أبو الدّرداء رضى الله عنه: معروف زماننا منكر زمان قد فات، ومنكره معروف زمان لم يأت. وقال بعضهم: ليت حلمنا عنك لايدعو جهل غيرنا إليك. وقال عبد الملك: ما حمدت نفسى على محبوب ابتدأته بعجز، ولا لمتها على مكروه ابتدأته بحزم. وقالوا: الغنى فى الغربة وطن، والفقر فى الوطن غربة. وقال أعرابى لرجل: إن فلانا وإن ضحك لك، فإنّه يضحك منك.
فإن لم تتخذه عدوّا فى علانيتك، فلا تجعله صديقا فى سريرتك. وقال علىّ رضى الله عنه: أعظم الذّنوب ما صغر عندك. وشتم رجل الشّعبىّ، فقال: إن كنت كاذبا فغفر الله لك، وإن كنت صادقا فغفر الله لى. وأوصى بعضهم غلاما، فقال: إنّ الظنّ إذا أخلف فيك أخلف منك. ونحوه قول الآخر: لا تتّكل على عذر منى فقد اتّكلت على كفاية منك. وقال الحسن: أما تستحيون من طول ما لا تستحيون! ونحوه قول الأعرابى: فلان يستحى من أن يستحى. وقال:
من خاف الله أخاف الله منه كلّ شىء، ومن خاف الناس أخافه الله من كلّ شىء.