إلا لتوسّع كان فيهم، فهو يخشى العقاب على الإنفاق، ويرجو الثواب على الإمساك، ويعذر نفسه فى العقوق، ويلوى ماله عن الحقوق؛ خيفة أن ينزل به قوارع العالمين.
ويأمرها بالبخل خشية أن يصيبه ما أصاب القرون الأولين، فأقم- رحمك الله- على مكانك، واصطبر على عسرتك، عسى الله أن يبدّلنا وإياك خيرا منه زكاة وأقرب رحما.
وقالت سكينة بنت الحسين رضى الله عنهما وقد أثقلت ابنتها بالدر: ما ألبستها إياه إلا لتفضحه؛ ونحوه قول الشاعر:
جارية أطيب من طيبها ... والطّيب فيه المسك والعنبر
ووجهها أحسن من حليها ... والحلى فيه الدرّ والجوهر
وقال ابن مطير «١» :
مخصّرة الأوساط زانت عقودها ... بأحسن مما زينتها عقودها
وقيل لأعرابى: فلان يدّعى الفضل على فلان، فقال: والله لئن كان أطول من مسيره ما بلغ فضله، ولو وقع فى ضحضاح معروفه غرق. وقال أعرابى: الناس يأكلون أماناتهم لقما، وفلان يحسوها حسوا، ولو نازعت فيه الخنازير لقضى به لها لقرب شبهه منها، وما ميراثه عن آدم إلا أنه سمى آدميا. وذكر أعرابى رجلا، فقال: كيف يدرك بثاره وفى صدره حشو مرفقة من البلغم، وهو المرء لو دقّ بوجهه الحجارة لرضّها، ولو خلا بالكعبة لسرقها.
وأخبرنا أبو أحمد، قال: أخبرنا الصولى، قال: حدثنا الحسن بن الحسين الأزدى قال: حدثنا ابن أبى السرى، عن رزين العروضى، قال: لقيت أبا الحرث جميزا «٢» ومعه غلام لمحمد بن يحيى البرمكى متعلق به، فقلت له: ما لهذا متعلق بك؟ فقال:
لأنى دخلت أمس على مولاه وبين يديه خوان من نصف خشخاشة، فتنفست فطار