توهمتها فى كأسها فكأنما ... توهمت شيئا ليس يدرك بالعقل
وصفراء أبقى الدهر مكنون روحها ... وقد مات من مخبورها جوهر الكل
فما يرتقى التكييف منها إلى مدى ... تحدّ به إلّا ومن قبله قبل
فجعلها لا تدرك بالعقل وجعلها لا أول لها، وقوله:«جوهر الكل» و «التكييف» فى غاية التكلف، ونهاية التعسف. ومثل هذا من الكلام مردود، لا يشتغل بالاحتجاج عنه له، والتحسين لأمره، وهو بترك التداول أولى؛ إلا على وجه التعجب منه ومن قائله. ومن الغلو الغث قول المتنبى «١» :
فتى ألف جزء رأيه فى زمانه ... أقلّ جزىء بعضه الرأى أجمع
وقوله «٢» :
تتقاصر الأفهام عن إدراكه ... مثل الذى الأفلاك فيه والدّنا
سئل عما فيه الأفلاك والدنا، فقال: علم الله؛ ونيته لا تدل عليه؛ فأفرط وعمّى، وجمع دنيا على قول أهل الأدوار والتناسخ.