من هذا الجنس فظهر فيها أثر التكلّف، وبان عليها سمة التعسف، وسلم بعضها ولم يسلم بعض؛ فمن ذلك ما روى أنه للخنساء:
حامى الحقيقة محمود الخليقة مه ... دىّ الطريقة نفاع وضرّار
هذا البيت جيد؛ ثم قالت:
فعّال سامية ورّاد طامية ... للمجد نامية تعنيه أسفار
هذا البيت ردىء لتبرىء بعض ألفاظه من بعض؛ ثم قالت:
جواب قاصية جزّاز ناصية ... عقّاد ألوية للخيل جرّار
آخر هذا البيت لا يجرى مع ما قبله، وإذا قسته بأوله وجدته فاترا باردا؛ ثم قالت:
حلو حلاوته فصل مقالته ... فاش حمالته للعظم جبّار
وهذا مثل ما قبله؛ وقول أبى صخر الهذلى «١» :
وتلك هيكلة خود مبتّلة «٢» ... صفراء رعبلة فى منصب سنم
هذا البيت صالح؛ وبعده:
عذب مقبّلها جذل مخلخلها ... كالدّعص «٣» أسفلها مخصورة القدم
كأن قوله: «مخصورة القدم» ناب عن موضعه غير واقع فى موقعه؛ وبعده:
سود ذوائبها بيض ترائبها ... محض ضرائبها صيغت على الكرم
وهذا البيت أيضا قلق القافية؛ وبعده:
سمح خلائقها درم مرافقها ... يروى معانقها من بارد شبم
هذا البيت ردىء لبعد ما بين الخلائق، والمرافق، وما بين الدّرم، والسمح؛ ولولا أن السجع اضطره لما قال: سمح وليس لعظم مرفقها حجم «٤» . وهذا مثل قول القائل لو قال: خلق فلان حسن وشعره جعد «٥» . ليس هذا من تأليف