والمعروف أن الخيلان سود أو سمر، والحدود الحسان إنما هى البيض، فأتى هذا الشاعر بقلب المعنى.
وهكذا قول الآخر:
كأنّما الخيلان فى وجهه ... كواكب أحدقن بالبدر
ويمكن أن يحتج لهذا الشاعر بأن يقال: شبّه الخيلان بالكواكب من جهة الاستدارة لا من جهة اللّون.
والجيد فى صفة الخال قول مسلم:
وخال كخال البدر فى وجه مثله ... لقينا المنى فيه فحاجزنا البذل
وقال العباس بن الأحنف «١» :
لخال بذات الخال أحسن عندنا ... من النكتة السّوداء فى وضح البدر
ومن المعانى ما يكون مقصرا غير بالغ مبلغ غيره فى الإحسان، كقول كثير «٢» :
وما روضة بالحزن طيّبة الثّرى ... تمجّ الندى «٣» حوذانها «٤» وعرارها
بأطيب من أردان عزّة موهنا ... وقد أوقدت بالمندل الرّطب «٥» نارها
وقد صدق؛ ليس ريح الروض بأطيب من ريح العود، إلا أنه لم يأت بإحسان فيما وصف من طيب عرق المرأة؛ لأن كلّ من تجمّر بالعود طابت رائحته.
والجيد قول امرئ القيس «٦» :
ألم تر أنّى كلّما جئت طارقا ... وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب
والعود الرطب ليس بمختار للبخور؛ وإنما يصلح للمضع والسواك، والعود اليابس أبلغ فى معناه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute