للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمٍ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، الحَمْدُ للهِ مُنْزِلِ الأَحكامِ، مُبَيِّنِ الحَلالِ والحَرامِ، الّذي هَدانا للإسْلامِ، وخَصَّنا بأفْضَلِ إمامٍ، محمدٍ عليهِ أكمَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، أًحْمَدُهُ عَلى ما أَسْبَغَ مِنَ الإِنْعامِ، وأَشْهَدُ أَن لا إلهَ إلاّ اللهُ المَلِكُ العَلاّمُ، شَهادةً تُبوِّءُ قائِلَها مُخْلِصاً دارَ السَّلامِ، وأشْهَدُ أنّ مُحمّداً عَبْدُهُ ورَسولُهُ إلى الأَنامِ، صَلّى الله عَلَيْهِ وسَلّمَ تَسليماً كثيراً على الدَّوامِ، ورَضيَ اللهُ عن جَميعِ أَصْحابِهِ الغُرِّ الكِرامِ.

أمّا بَعْدُ: فلَمّا كانَ كتابُ (التنبيهِ) في الفِقْهِ للشيخِ أَبي إسْحاقَ الشِّيرازيٍّ رَحمَهُ اللهُ عَلى مَذْهبِ الإمامِ الرَّبَّانيِّ أَبي عَبدِاللهِ: مُحَمَّدِ بن إدْريسَ الشَّافِعيِّ رضيَ اللهُ عنهُ وعن سائِرِ أئِمَّةِ الدّينِ، مِن الكُتُبِ المَشهورَةِ النّافِعةِ، وكُنْتُ مِمّنْ مَنَّ اللهُ سُبْحانهُ عَليهِ بحِفْظِهِ، ورَأَيْتُ أنَّ الفائِدةَ لا تَتِمُّ بدونِ مَعْرفةِ أَدلِّتِهِ، استَخَرْتُ اللهَ تَعالى في جَمْعِ أَحكامٍ على أبوابِهِ ومسَائِلِهِ أوّلاً فأوّلاً حَسَبَ الإمْكانِ، فَعَلَّقْتُ مُسَوَّدَةً في ذلكَ، ثُمَّ انْتَخَبْتُ مِنْها هذا المُخْتَصَرَ، وشَرَطْتُ فيهِ أنّي أذْكُرُ دَليلَ المَسأَلةِ مِن حَديثٍ أو أثَرٍ يُحْتَجُّ بِهِ، وأعْزو ذلك إلى الكُتُبِ السِّتِّةِ، كالبُخارِيِّ، ومُسْلِمٍ، وأَبي داودَ، والنَّسائِيِّ، والتِّرْمِذِيِّ، وابنِ ماجَةَ، أَو غيرِها، فإنْ كانَ الحَديثُ في الصَّحيحينِ، أو أحَدِهِما، اكتَفَيْتُ بعَزْوِهِ إلَيْهِما، أو إلى أحَدِهِما، وإلاّ ذكَرْتُ مَنْ رواهُ مِن أهْلِ الكُتُبِ المَشهورَةِ، وبيَّنْتُ صِحَّتَهُ مِن سقَمِهِ، ولَسْتُ أَذْكُرُ جَميعَ ما وَرَدَ في المَسْأَلَةِ مِن الأحاديثِ خَشْيَةَ الإطالَةِ، بَلْ إن كانَ الحَديثُ أَو الأَثَرُ وافياً بالدِّلالَةِ عَلى المَسْأَلَةِ، اكْتَفَيْتُ بِهِ، عَمّا عَداهُ، وإلاّ عَطَفْتُ عَلَيْهِ ما يُقوّي سَنَدَهُ أَو مَعْناهُ، وإذا أَطْلَقَ المُصَنِّفُ الخِلافَ في المَسأَلَةِ، قَدَّمْتُ دليلَ الصَّحيحِ عندَ الأَصحابِ، وثَنَّيْتُ بدلالةِ الآخَرِ للفائِدَةِ، ولَمْ أَتَعرَّضَ لدليلِ قَوْل، أَو وَجْهٍ في مَسْأَلةٍ لَمْ يَحْكِهِ المُصَنّفُ إلا أَن يَكونَ هو الصّوابَ، أَو الرّاجحَ، وقدْ أُنبِّهُ على وجْهِ الدِّلالةِ مِن الحَديثِ إنْ كانَ فيها غُموضٌ، وباللهِ أَسْتَعينُ وعَلَيْهِ أتَوَكَّلُ، وهو حَسْبي، ونِعْمَ الوَكيلُ، وإيّاهُ أَسأَلُ أَن يَنْفَعَ بِهِ، إنَّهُ قَريبٌ مُجيبٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>