للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٢ - بابُ: القِراض

قالَ اللهُ: " وتَعاوَنوا على البرِّ والتَّقْوى ".

وقالَ عليهِ السلامُ: " المسلمونَ على شُروطِهم " (١)، وهذا عمومٌ في المعاملاتِ الشرعيةِ، والقِراضُ ممّا أجمعَ على جوازهِ العلماءُ من عصرِ الصحابةِ، وهلُمّ جَرّاً، حتى (٢) أن أهلَ الجاهليةِ كانُوا يَتعاملونَ بهِ، وقد خرجَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ في تجارةٍ لخديجةَ بنتِ خُويْلدٍ، إلى الشامِ، ثمَّ جاءَ الإسلامُ مُقَرِّراً لذلكَ، ومُؤَكِّداً لهُ.

وقالَ مالكٌ في المُوَطّأ: عن زيدِ بنِ أسْلمَ عن أبيهِ، أنهُ قالَ: " خرجَ عبدُاللهِ وعُبيدُ اللهِ ابنا عمرَ بنِ الخَطابِ في جيشٍ إلى العراقِ، فلما قفَلا مرّا على أبي موسى الأشْعَريّ، وهو أميرُ البَصرةِ، فرحَّبَ بهما وسَهَّلَ، وقالَ: لو قدْ أقدرُ لكما على أمرٍ أنفعكُما بهِ لفَعَلتُ، ثُمَّ قالَ: بلى، هاهُنا مالٌ من مالِ اللهِ أُريدُ أن أَبعثَ بهِ إلى أميرِ المؤمنين، فأُسلفكماهُ فتبتاعانِ بهِ من مَتاعِ العراقِ، ثمَّ تَبيعانِهِ بالمدينةِ فتؤدّيانِ رأسَ المالِ إلى أميرِ المؤمنين، ويكونُ لكما الربحُ، فقالا: وَدِدْنا، ففَعلَ وكتبَ إلى عمرَ بنِ الخطابِ أن يأخذَ منهما المالَ، فلما قدِما على عمرَ، قالَ: أكلَّ الجيشِ أسلَفهُ كما أسْلَفكُما؟ فقالا: لا، فقالَ عمرُ: ابنا أميرِ المؤمنينِ فأسْلَفكما، أدّيا المال وربحَهُ، فأمّا عبدُاللهِ فسكتَ، وأمّا عُبَيْدُ اللهِ فقالَ: ما يَنبغي لكَ يا أميرَ المؤمنين، لو هلكَ المالُ أو نقصَ لَضَمنّاهُ، فقالَ: أدّياهُ، فسكتَ عبدُ الله وراجعَهُ عُبَيدُ اللهِ، فقالَ رجلٌ من جُلساءِ عمرَ: يا أميرَ المؤمنين: لو جَعَلْتَهُ قِراضاً؟، فأخذ عمرُ رأسَ المالِ ونصفَ ربحِهِ وأخذَ عبدُ الله وعُبيْدُ اللهِ نصف ربحِ ذلكَ المالِ " (٣).


(١) تقدم.
(٢) غير واضحة بالأصل، ولعلها هكذا.
(٣) مالك (٢/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>