للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - بابُ: ميراثِ الجد والإخوة

قد تقدّمَ ذكرُ ميراثِه وحدَهُ، فأمّا إذا اجتمعَ هو والإخوةُ من الأبوينِ أو الأبِ، فكانَ الصّدّيقُ يُنزلهُ أباً، وقد حَكى ذلكَ البخاريُّ عنهُ، وكذلكَ كانَ عمرُ في أوّلِ إمْرتِهِ، ثمّ تَناظَر فيه هو وزيدُ بنُ ثابتٍ، وكانَ زيدٌ إذ ذاكَ يَرى تقديمَ الإخوةِ عليهِ، فاتفقا على التّشريكِ بينَهم، وهو قولُ عبد اللهِ بنِ مسعودٍ أيضاً.

وسلكَ الشافعيُّ وحوّلهُ كتابَهُ في الأُمِّ مَسْلكاً في التَّشريكِ بينَهم، حاصلُهُ: أنّ الأخَ يُدلي ببنوّةِ أبِ الميّتِ، والجدِّ بأُبُوّتِهِ، ومعلومٌ أنّ البُنوّة أقوى من الأُبوّةِ، فإذا لمْ يُقدِّم الأخُ عليه، فلا أقلَّ من التشريكِ بينَهما.

قالَ ابنُ المبارك: أخبرنَا يونسُ عن الزُّهري حدَّثني سعيدُ بنُ المُسيَّبِ وعُبيْداللهِ بنُ عبد اللهِ بنِ عُتبةٍ، وقَبيصةُ بنُ ذُؤيْبٍ: أنّ عمرَ قضى، أنّ الجدَّ يُقاسمُ الإخوةَ للأبِ والأمَّ، والإخوةَ للأبِ ما كانتِ المقاسَمةُ خيراً لهُ من ثُلُثِ المالِ، فإنْ كثرَ الإخوةُ، أُعطيَ الجدُّ الثُّلثَ، وكانَ للإخوةِ ما بقيَ، للذكرِ مثلُ حَظِّ الأنْثيينِ، وقَضى أن بني الأبِ والأُمِّ أولى بذلكَ من بني الأبِ ذكورِهم وإناثِهم، غيرَ أن بني الأبِ يُقاسمون الجدَّ كبني الأبِ والأمِّ، فَيرُدّون عليْهم، ولا يكونُ لبني الأبِ معَ بني الأبِ والأمِّ إلا أن يكونَ بنو الأبِ يَردّون على بناتِ الأبِ والأُمِّ، فإنْ بقيَ شيءٌ بعدَ فرائضِ بناتِ الأب والأُمِّ، فهو للإخوةِ للأبِ، للذكرِ مثلُ حظِّ الأنثيين " (٢). وهذا إسنادٌ جيّدٌ إلى عمر، وإن كانَ فيهِ انقطاعٌ، إلا أنهُ حُجّةٌ، وهكذا رَوى عبدُالرحمنِ بنُ أبي الزّنادِ عن أبيهِ عن خارجةَ بنِ زيدِ بنِ ثابتٍ عن أبيهِ عن عثمانَ، وبهِ قالَ زيدُ بنُ ثابتٍ.


(١) غير واضحة بالأصل، والظاهر أن الناسخ اضطرب هنا، فقد كرر الجملة والله أعلم.
(٢) البيهقي (٦/ ٢٤٨)، وكذا عن زيد وعثمان بهذه بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>