للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - بابُ: صفةِ القضاءِ

تقدّمَ في حديثِ أبي هريرةَ، وزيدِ بنِ خالدٍ: أنّ ذلكَ الأعرابيَّ قالَ: نعَم، فاقْضِ بينَنا بكتابِ اللهِ، وائذنْ لي، قالَ: قلْ، وذكرَ الحديثَ، وفيهِ: أنه كان أفقهَ من خصمِهِ " (١)، فيُؤخذُ منهُ: أنّ الأدبَ أن يستأذنَ الحاكمَ في الكلامِ أولاً، وإنَّ الحاكمَ يأذنُ لهُ.

وفي قصّةِ داودَ: أنَّ الخصمين لمْ يستأذِناهُ، بلْ قالَ أحدُهما ابتداعاً: " إنّ هذا أخِي لهُ تِسْعٌ وتِسعُونَ نَعْجةً ولِيَ نعْجَةٌ واحِدةٌ. . " الآية.

فدلَّ على أنّ ذلكَ مُستحبٌّ لا واجبٌ، ولستُ أعلمُ فيهِ نزاعاً.

عن أنسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " انصرْ أخاكَ ظالماً أو مَظلوماً، قالوا: يا رسولَ اللهِ، هذا نصرتُهُ مظلوماً، فكيفَ أنصرُهُ ظالماً؟، قالَ: تمنَعُه عن الظلمِ، فذاكَ نصرُكَ إيّاهُ " (٢)، أخرجاهُ.

يُؤخذُ منهُ أنهُ إذا ظهرَ من أحدِ الخصمين لدَدٌ أو سوءُ أدبٍ، نهاهُ وردَعهُ عن ذلك.

عن علقمةَ بنِ وائلٍ، قالَ: " جاءَ رجلٌ مِن حَضْرموت ورجلٌ من كِنْدةَ، فقالَ الحَضْرميُّ: يا رسولَ اللهِ، إنّ هذا قدْ غلبَني على أرضٍ كانتْ لي، فقالَ الكِنْدِيُّ: هي أرضي، في يدي أزرعُها ليسَ لهُ فيها حقٌّ، فقالَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ للحَضْرميِّ: ألكَ بيّنةٌ؟، قالَ: لا، قالَ: فلكَ يمينُهُ، قالَ: يا رسولَ اللهِ، إنّ الرجلَ فاجرٌ، لا يُبالي على ما حَلفَ عليهِ، وليسَ يتورّعُ من شيءٍ، فقالَ: ليسَ لكَ منهُ إلا ذلكَ، فانطلَقَ ليحلِفَ، فقالَ


(١) تقدم.
(٢) البخاري (٢٤/ ١٠٧) ومسلم (٨/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>