للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الترمذيُّ: غريبٌ، وقد تكلمَ بعضُ أهلِ العلمِ في سُهَيْلِ بنِ أبي حَزْمٍ وقد غلّطهُ أبو حاتم الرَّازيُّ أيضاً بشيءٍ فيهِ نظرٌ، والأظهرُ أنها ليستْ مُؤثِّرة، اللهُ أعلمُ.

قلتُ: يُؤخذُ منهُ نقضُ أحكامِ القاضي الذي لا يصلحُ للقضاءِ، أصابَ في أحكامِهِ تلكَ أو أخطأ، كما ذكرهُ الشيخُ رحمهُ اللهُ.

عن عمْرو بنِ العاصِ رضيَ اللهُ عنهُ: أنهُ سمعَ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يقولُ: " إذا حكمَ الحاكمُ فاجتهدَ ثمَّ أصابَ، فلهُ أجران، وإذا حكمَ فاجتهدَ ثمّ أخطأ، فلهُ أجرٌ " (٤٣)، أخرجاهُ.

فيُستدلُّ بهِ على الصّحيحِ من القولين أنهُ لا تُنقَضُ أحكامُ الحاكمِ إذا اجتهدَ فأخطأ، وإنْ لم يوافقْ اجتهادُهُ من بعدَهُ، ويُحتجُّ للقولِ الآخرِ بحديثِ أبي هريرةَ عن رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ: " بينما امرأتان معَهما ابناهُما، جاءَ الذئبُ فذهبَ بابنِ إحداهُما، فقالتْ هذهِ لصاحبتِها: إنّما ذهبَ بابْنكِ، وقالتِ الأخرى: إنما ذهبَ بابنكِ، فتحاكمتَا إلى داودَ عليهِ السلامُ، فقَضى بهِ للكبرى، فخرجتا إلى سليمانَ عليهِ السّلامُ، فأخبرتاهُ، فقالَ: ائتوني بالسّكّينِ أشقُّهُ بينَكما نصفين، فقالتِ الصّغرى: لا تفعلْ يرحمُكَ اللهُ، هو ابنُها، فقَضى بهِ للصُّغرى " (٤٤)، أخرجاهُ.

وقد ردَّ عليهِ السّلامُ على خالدِ بنِ الوَليدِ حُكمَهُ في بَني جُذَيْمةَ، وضَمِنَ ما أتلفَهُ لهمْ، ولا شَكَّ إنهُ رضيَ اللهُ عنهُ كانَ قد اجتهدَ.


(٤٣) البخاري (٢٥/ ٦٧) ومسلم (٥/ ١٣١).
(٤٤) البخاري (١٦/ ١٦) ومسلم (٥/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>