للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤ - بابُ: عقْدِ الهُدْنةِ

قالَ اللهُ: " براءةٌ مِنَ اللهِ وَرَسولِهِ إلى الّذينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ المُشْركينَ فسيحُوا في الأرضِ أرْبعةَ أشْهرٍ ".

وهذهِ نزلتْ بعدَ فتحِ مكّةَ، وبعثَ بها رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ علياً معَ أبي بكرٍ سنةَ تِسْعٍ على الحجيج، يُنادي بها في مِنى كما هو في الصّحيحين (١)، فدلَّ على جوازِ مُهادنةِ المشركين أربعةَ أشهرٍ مع القدرةِ عليْهمْ، فأمّا إنْ خيفَ مَعرَّةُ العدوِّ، أو كانَ في المسلمين ضعفٌ عن مُناجزتِهم أو خيفَ من فِتنةٍ أكبرَ من القتالِ، فقدْ:

روى البخاريُّ عن عُرْوة بنِ الزُّبيرِ عن المِسْورِ بنِ مَخْرمةَ ومرْوانَ بنِ الحكمِ في حديثِ صلحِ الحُديْبيةِ الطويلِ: أنّ بُديْلَ بن ورْقاءَ الخُزاعيِّ جاءَ إلى رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وقدْ نزلَ على أدنى مياهِ الحديبيةِ فقال: إني تركت بني كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذُ المطافيلُ، وهُمْ مقاتلوكَ وصادّوكَ عن البيتِ، فقالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " إنّا لمْ نجئْ لقتالِ أحدٍ، ولكنّا جئنا مُعْتمرين، وإنْ قريشاً قدْ نَهكَتْهمْ الحربُ وأضرَّتْ بهمْ، فإنْ شاؤوا مادَدْتُهمْ مدّةً، ويُخَلّوا بيني وبين الناس، فإنْ أظهرْ، إن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخلَ فيه الناسُ فعلوا، وإلا فقدْ جمّوا، وإلا فوالذي نفسي بيدِهِ لأقاتلنَّهمْ على أمري هذا حتّى تنفرِدَ سالفتي وليُنْفِذَنَّ اللهُ أمرَهُ، وذكرَ الحديثَ، إلى أنْ قالَ: فجاءَ سُهَيلُ بنُ عمْرو، فقاضاهُ على أنْ يرجعَ عنهم عامهُ هذا، وأنْ يَعْتمرَ من قابلٍ، وأنْ توضعَ الحربُ بينَهمْ مدّةً يأمن فيها الناسُ بعضهم بعضاً " (٢).


(١) البخاري (١٨/ ٢٦٠) ومسلم (١/ ٥٦٦)، لكنه عنده في حديث أبي هريرة أنه مع رهط معه كان يؤذّن بذلك في حجة أبي بكر ولم يسم علياً كما عند البخاري.
(٢) البخاري (١٤/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>