للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأسعدَ بنِ زُرارةَ؟ قال: لأنّهُ أوّلُ من جمَّعَ بنا في هَزمِ النَّبيتِ من حَرَّةِ بَني بَياضَةَ، في نَقيعٍ يُقالُ لهُ: نَقيعُ الخَضِمَاتِ، قلتُ: كمْ كُنتمْ يومئذٍ؟ قال: " أربعون " (٢٠).

رواهُ أبو داود، وابنُ ماجَةَ، من روايةِ ابن إسحاقَ، وهو حسَنُ الحديثِ.

فأمّا ما أخرجهُ الدارَقُطنيُّ والبَيْهقيُّ من حديثِ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الرحمن القُرَشيِّ البالِسيِّ عن خُصَيْفٍ عن عَطاءٍ عن جابرٍ: " مَضتِ السُّنَّةُ أنَّ في كلِّ أربعين فما فوق ذلكَ جُمُعةٌ وأضْحى وفِطْراً " (٢١)، وذلكَ أنهم جماعةٌ، فإن عبدَالعزيزِ هذا مَتروكٌ، قالَ أحمدُ: أحاديثُهُ كذبٌ أو موضوعةٌ، وخُصَيْفٌ مُخْتَلَفٌ فيهِ. وقولُ الصحابيِّ: " من السُّنَّةِ كذا "، فيهِ خلافٌ، لكنَّ الصحيحَ أنهُ مرفوعٌ.

عن جابرٍ: " بينَما نحنُ نُصَلّي معَ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذا أقبلَتْ عيرٌ تحملُ طعاماً فالْتَفتوا إليها حتى ما بقيَ معَ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلاّ اثنا عَشرَ رجلاً، فنزَلَتْ هذهِ الآيةُ: " وإذا رَأوا تِجارَةً أو لَهْواً انْفَضُّوا إليها وتَرَكُوكَ قَائِماً " (٢٢)، أخرجاهُ.

اسْتُدِلَّ بهِ على أنّهُ إذا انفَضّوا عن الإمامِ، وبقيَ فيما دون الأربعين أنهُ تَتِمُّ الجمعةُ.

عن أنَسٍ: " أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كانَ يُصَلّي الجُمُعةَ حينَ تميلُ الشمسُ " (٢٣)، رواهُ البخاريُّ.

قال الشافعيُّ: وقد كانتْ مساجدُ على عهدِ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فلمْ يكونوا، يُجمِّعونَ، إلا في مسجدِهِ، فإذا كانَ في المِصْرِ مَساجدُ أحببتُ أن تكونَ الجُمعَةُ في مَسجدِها الأَعْظَمِ.


(٢٠) أبو داود (١/ ٢٤٦) وابن ماجة (١٠٨٢)، قلت: بالأصل أثبت عبد العزيز بن كعب، والصواب عبد الرحمن كما أثبتناه وكما هو عند البيهقي (٣/ ١٧٧) وبعض أهل السنن.
(٢١) رواه الدارقطني (٢/ ٣) والبيهقي (٣/ ١٧١) في الكبرى.
(٢٢) رواه البخاري (٦/ ٢٤٥) ومسلم (٣/ ١٠).
(٢٣) رواه البخاري (٦/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>